المقدمة الثانية (من كتاب المنح القدسية) في بيان فهم القوم من اللفظ الواحد معان مختلفة
للشيخ أحمد العلاوي رضي الله عنه
اعلم أن القوم لا يفهمون مخاطبة الخلق لهم إلا عن الله، وذلك يقتضيه مقامهم، لا يستعملونه في أنفسهم، فلا تستغرب يا أخي من فهمهم من الكلمة الواحدة الموضوعة على معنى مخصوص معنى آخر، فإن ذلك عندهم من أشرف المقامات وأعظم الدرجات، لكونهم يفهمون الأمور عن الله، وقد أجمع أهل الله على أن الفهم عن الله على قدر مقام العبد عند الله، ولم يختلفوا في أن الكلمة الواحدة الدالة على معنى مخصوص قد يفهم منها العبد معاني كثيرة لا تحصى، وغرائب لا تستقصى، وكلهم قائلون: إن مريد الطائفة لا ينبغي له أن يسمع إلا في الله وفي رسول الله أو فيما يقربه لله ورسوله، وربما الكلمة يكون ظاهرها قبيحا يستفيد منها العارف أمرا مليحا، إما على وجه التصريح، وإما على وجه التلويح. فإن القوم وإن اشتركوا مع غيرهم في ظاهر اللفظ، فإنهم مختلفون في القصد، كما أنهم اشتركوا في المشهود، واختلفوا في الشهود، فكذلك اشتركوا في المسموع واختلفوا في الأسماع. قال تعالى: (تُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضهَا علَى بَعْضٍ فِي الأكل) فقد يسمع الصوفي ما لا يسمع الغير، ولا يأخذ من القول إلا أحسنه، وهؤلاء هم الذين قال الله فيهم (الذينَ يَسْتَمِعُونَ القَوْلَ فيَتَّبِعُونَ أحْسَنَه، أولئكَ الذينَ هَدَاهُمْ الله، وَأولئكَ هُم أولُو الألْبَاب) فسبحان من هداهم، وقربهم إليه واجتباهم حتى صاروا يأخذون أحكامهم وأفعالهم من مولاهم، فسمعوا ما لم يسمعه الخلق، وأبصروا ما لم يبصره الخلق، فأجسامهم عندنا وأرواحهم عند الملك الحق. كما قال بعضهم:
فؤادي عند محبوبي مقيم | يناجيه وعندكم لساني |
ولهذا صاروا يسمعون غير الشيء المسموع، حتى صار أحدهم يأخذ علمه من أصغر الأشياء في عيون الناس، ولا حقارة عند هؤلاء الناس، بل عندهم كل ما في الوجود يشير لوحدانية المعبود، ويصير اللفظ القبيح في أسماعهم محمودًا، وقد بلغنا أن الشيخ مكين الدين الاسماري –رضي الله عنه- قرئت عليه هذه الأبيات في مجلسه وهي هذه:
لو كان لي مسعد بالراح يسعدني | لما انتظرت لشرب الراح إفطارا |
الراح شيء عجيب أنت شاربه | فاشرب ولو حملتك الراح أوزارا |
يا من يلوم على صهباءَ صافيةٍ | كن في الجنان ودعني أسكن النارا |
ط§ظ„طµظپطط© 1 ظ…ظ† ط¥ط¬ظ…ط§ظ„ 4
ط§ظ„طµظ‘ظپطط© ط§ظ„طھط§ظ„ظٹط© >> | ط§ظ„طµظ‘ظپطط© ط§ظ„ط£ط®ظٹط±ط© |